الاثنين، 14 مايو 2012

وطن ونكبة وانقسام !


 
يقال أن تعريف الوطن هو ذلك المكان والبلد الذي اتخذه الإنسان مقرَّاً للإقامة الدائمة، أو شبه الدائمة ، ومن هذا المفهوم المختصر ، لا غرابة أننا بفلسطين حالنا حال كل البشر ، لنا وطن وأصول وجذور عميقة في هذه الأرض ، لم يستطع الاحتلال أن يقتلعها منذ أربعة وستون عام ……
ولحب الأوطان مقاييس ومعاني كثيرة ، لا يدرك معظمها أو يشعر بها ألا من اكتوى بنيران الهجرة أو الابتعاد القسري عن فضاءه وعن شمسه ، وكم ترددت في أذهاننا أناشيد وطنية ، منذ أنطلاق ثورتنا  في العام 1965 م وحتى تاريخنا هذا ، كلها تؤدي لنظرية واحدة وهي ، أن حب الأوطان لا يعادله حب ، وراح بعضهم يقول أن الإنسان منا قد يضحي بكل غالي ونفيس وحتى بروحه أن لزم الأمر حتى لا يمسه أي معتديً غاشم أو يسرق حبة رمل من ترابه ، و بالمقابل فأن مواطن يحيا في بلاده بلا  كرامة فانه إذا استسلم للأمر كان إنسان لا يستحق الحياة  !!
ومن هنا تبدو معادلة الحب والكرامة في ترابط عظيم ، فلكي نحافظ على تراب وطننا ونعشقه كل هذا العشق ، يصبح من البديهيات ان تُحترم أدميتنا على أرضه وفي ظل نظامه والا اختلت تلك المعادلة !
وفي غزة فان المعادلة سالفة الذكر تحتاج الى الروية في الفهم ،، فلكل وطن كما تعرفون ظروفه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ،، ومنطق الأمور بهذه البقعة الضيقة من الأرض فيه من الغرائب والعجائب الكثير !
فعن أي وطن نتحدث وهذا التفكك والتشرذم الاجتماعي ، لان فئة فينا راهنت وربطت مصير الشعب بفوز مرشح رئاسي ليس من بني جلدتنا في هذا البلد أو ذاك !
عن أي وطن وعن أي مواطنة نتحدث ، والمواطن لا يشغل فكره اليومي بل وحتى المستقبلي ، الا البحث عن الوقود في آبار النفط الغزاوية العملاقة ، وفي النظر للأعلى نحو الأسلاك الكهربائية المهترئة لعلها تتراقص بالتيار الكهربائي لتنير دربه ؟!
أين هي كرامة المواطن والوطن ، وفينا قوم يصرون على رسم خارطة الحدود والمصير على شاطئ المد البحري الإسلامي المتعثر في كل أرجاء الوطن العربي ؟!
نعم قد تُعشق الأوطان لجمالها وروعة طقسها وهذا لا يكتمل الا حين يجد المرء فينا ، أن في هذا الوطن عقلاء لا يشغلهم شاغل الا تحقيق سعادة وأمن ورفاهية المواطن …..
فحب الأوطان ليس محاضرة فكرية ولا خطبة عصماء تحريضية بيوم جمعة، ولا درس أو منهاج يتناوله أستاذ جاهل يدعي العلم، فالوطن بالنسبة لنا مرتبط بنكبات كثيرة، بدأت بنكبة عام 1948 م وأخيراً ولا أظنه نهاية المطاف، بنكبة الانقسام !!
فعن أي وطن سادتي وعشاق التراب نتحدث ؟!
عن أي وطن نتحدث ،، وفيه مربية أجيال بإحدى مدارس القطاع تستهزئ بجهل أطفالنا وصفاء عقولهم الصغيرة حين سألوها ،،، هل بطاقة التموين هي نفسها بطاقة التأمين ؟ فتجيبهم بنعم!
صحيح أن صور الصين العظيم ليس من بناء أهل فلسطين ولا أهرامات مصر القديمة ،ولكن لدينا  من الغرائب ما يجعلنا ندخل ونتصدر بتفوق كل موسوعات العالم وليست جينيس وحدها !
فنحن الأوائل والأكثر شهرة في الانقسام ونحن الأوائل الذين حللوا قتل أبناء جلدتنا ونحن الأوائل في لعب القمار على طاولة المصالح الشخصية ، وربط مصير الوطن بأحلام العودة الى دولة الخلافة الإسلامية !
يجب أن يفهم من يقرأون سطور النكبة في المهرجانات الخطابية والمؤتمرات الحزبية ، أن في فرقتنا مصيبة أكبر من نكبتنا ، فالانقسام يحول معنى الوطن الى كلمة جوفاء أو لغو عابر تلوكه الألسنة !
في حين أن معنى الوطن يكمن في معزة ترابه المجبول بذكريات الأهل والممزوج بخبز يومهم ودمهم الذي يسري في الشرايين وهو الحلم الذي ترنو إليه العيون وتهيم فيه القلوب……
فهل نفيق ؟! وهل نأخذ الدروس والعبر من عدونا، وهل نتعلم منهم فنون الوحدة الوطنية، وهم القوم الذين لم تفرقهم الكراسي ولا ادعاء الإلهية، أم نهتم فقط بتدريس اللغة العبرية في مدارس غزة ولا نطبق أفعال أهلها ؟!
أننا نحتاج للبصيرة ولا نحتاج للبصر، نحتاج للعزيمة وليس لنكبة أو هزيمة جديدة، نحتاج ، أن نمسك بمفتاح الحقيقة قبل أن نلوح بمفتاح العودة !
وختاماً هل يعلم من يصرون على الانقسام أن شعبنا قد مل بيت الشاعر:
                            بلادي وان جارت عليّ عزيزة * * * وأهلي وإن ضَنُّوا عليَّ كرامُ
فليعلموا ان البوصلة الصحيحة يجب ان تكون باتجاه وحدتنا ، ولينجح من ينجح في انتخابات مصر أو تونس أو ليبيا ، فهذا من شأن ، شعوب تلك الدول ، ولكن أليس من العيب والخزي بل والعار أن نربط مصيرنا بمصير الآخرين ونحن القوم الجبارين ؟!

0 التعليقات:

المتابعون

المشاركات الشائعة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.