الأربعاء، 4 أبريل 2012

مسنة وشرطي وبنزين !

قالوا قديما وأظنه قول يصلح لكل العصور "التعليم في الصغر كالنقش في الحجر" ورغم أهمية التعليم فلا يمكن اعتباره نواة السلوك البشري الوحيدة ،أو المعيار الأمثل لنحكم من خلاله على شخص ما  اذا كان على قدر من التهذيب أو التأديب !
فبالإضافة للتعليم وأهميته ، على المرء أن يتحلى بصفة رئيسية فطر عليها ، الا وهي الأخلاق الحميدة وبغير خافي أن للأسرة في هذا دور عظيم لا يقل في أهميته عن دورهم في إرسال أبنائهم لدوائر التعليم ……
واذا أطلق الإنسان لحيته ومكث صباحً ومساءً بالمسجد ، فتلك ليست من علامات  التدين أو انه على خلق ،، بل لربما كانت دليل على انه لا يمتلك مسكنً أو ثمن شراء موس حلاقه لتهذيب تلك اللحية !
فالممارسة على الأرض والاحتكاك بأفراد المجتمع هي الفيصل في التمييز بين السلوك القويم والسلوك الشائن !
واذا كنت قد بدأت مقالي اليوم بهذه المقدمة فالأمر له أسبابه خاصة حين نشاهد ونهتم وندقق فيما يحدث بمحطات وقود غزة  !
وكيف لا نهتم ؟! خاصة حين نبحث في الأسباب التي قد تجعل عجوزاً هرمه تصرخ كالمجنونة ، وهي تتلفظ بعبارات لا تليق لا بسنها ولا بكونها أنثى تنتمي الى طائفة الجنس الناعم ، فقد أجبرتها الظروف أن تمر من أمام محطة وقود تعج بالبشر وبطوابير لها أول وليس لها أخر ؟!
ربما رأت هذه المسنة تصرفاً غريباً، جعلها تخرج عن المألوف وعن قواعد السلوك العام !
نعم  ، فقد حدث الأمر بسبب مشاهدتها لرجلاً كل مؤهلاته أن أحدا ما البسه " بدلة شرطية " و منحه عصاه غليظة ليضرب بها البشر العزل أو يفرق جموع المحتشدين العطشى سياراتهم  لقليل من المحروقات أمام هذه المحطة أو تلك !
أو ربما أنها مسنة  لديها بعض الثقافة النفطية ، تبحث عن إجابة منطقية لسؤال فحواه ….. من أدخل في عقل هذا الشرطي ،أن تطبيق قواعد النظام العام تبدأ بتكسير او فتح جمجمة مواطن ، كل ذنبه انه يريد إضاءة منزله أو تشغيل جهاز طبي يساهم في تخفيف معاناة زوجته أو احدى أبنائه المرضى ، أو ربما جن جنونه فأراد أن يموت حرقا بالبنزينً؟!
هل يفهم هذا الشرطي أن أن كل المعطيات من قوانين وعادات وتقاليد وحتى الدينية منها لا تخوله ان يضرب أجلكم الله جناح بعوضه ؟!
يبدو اذن وبمنتهى البساطة انه قد أراد تطبيق قواعد مهنية خاصة به ، ولكنها ليست غريبة المنشأ على شعبنا ، فأسمها "كسر العظم" وهي تذكرنا بسياسة الاحتلال أبان الانتفاضة الأولى !!
الا يعلم هذا الشرطي ، ان المواطن الذي يهرول مسرعاً نحو محطات الوقود كلما رأي صهريجً متجه إليها، ذنبه الوحيد انه الطرف الذي يعاني ، ولم يكن بأي حال من الأحوال سبب في نشأة هذه الأزمة او غيرها من الازمات ، فهو لا يهوى كثيراً الوقوف بمحطات الوقود والتزاحم بغرض الاستمتاع بنسيم الربيع من خلال شمه لرائحة السولار أو البنزين !!
قد يصلح القول إذن  أننا في زمن العجائب " زمن العصي" أو أن العجائب قد باتت في زمننا نهج وطريق منطقية ،، فلو أقدم شرطي في بلد أوروبي على اهانة مواطن ، لقامت الدنيا ولم تقعد ولكانت أحدثت مثل هذه الفعلة تغيير وزاري ، لان شرطة تلك البلدان لا تضرب " حاشكم الله " ، الحيوانات لا على أرجلها ولا على جماجمها ، فما بالكم حين يتعلق الأمر بمعاملة الإنسان أرقى المخلوقات ؟!
لا يوجد عاقل بالعالم ضد تطبيق القوانين وحفظ الأمن، بل وجميل أن يقدم احدهم على تطبيق النظام ولكن عن أي نظام نتحدث هنا والعصا هي سيدة الموقف ؟!
عن أي نظام نتحدث وأدميتنا تهان أمام أعيننا ويحرق أطفالنا جراء شمعة وأسلوب حياتي أعادنا الى العصر الحجري ؟!
ربما أن أطفال "عائلة بشير" الثلاث قد قضوا لان كل ذنبهم ، أنهم يخافون و يكرهون الظلام ، ويعشقون الأمل في الحياة كسائر أطفال بلادنا ، أو أنهم أرادوا أن يرسموا لنا صورة أخرى وأبهى للوطن ، صورة يختار فيها لوظيفة الشرطي ،الرجل الذي يتحلى بالأخلاق الحميدة  ، شرطي يسخر كل جهده لخدمة المواطن وليس للتطاول عليه وأهانته !
وختاماً نذكر من نسى بقول الحق : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}... سورة النساء الآية 58.

2 التعليقات:

h2la يقول...

حسبي الله ونعم الوكيل على كل من تسبب بهذه الأزمة وأحوج تلك المسنة أن تقف في طوابير محطات البنزين كما سائر المواطنين دون احترام او تقدير او مساعدة ... ورحم الله أبناء عائلة بشير

Anonymous يقول...

وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ
فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا
افتقاد الأخلاق وانحطاطها مؤشِّر انهيار الأمة الذي لا شكَّ فيه؛ لأنَّ محصِّلة افتقاد الأخلاق الكريمه
فانا آسفة لما وصل حالناانتشار الظُّلم والفساد، والانحطاط الأخلاقي، وافتقاد قِيَم الرحمة والتسامح، وشيوع الغشِّ في المعاملات، والقسوة في التعامل مع الضعيف، وقَصْر تطبيق القانون على المستضعَفين، واستثناء ذَوِي الجاه والنُّفوذ والسلطان، فيتحقق بذلك الهلاك المؤكَّد؛ بافتقاد تلك المنظومة من الأخلاق الكريمة.
لك احترامي
نوغا

المتابعون

المشاركات الشائعة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.